المأثورات الشعبية كثقافة وعــلم
مستقل له خصائصه ومناهجه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيـن الثقــافة والمأثورات الشعبية
((1))
من الطـبيعي أن لا يكون كـل أبناء المجتمع ــ أي مجتـمـع ــ
من ذوي المـلكات الأدبيـة أو الإبـداعـية الـفـنية ، ولهـذا فإنـهم
لا يمكن أن يكونوا كلهم شعـراء أيضا ، في الـوقـت الـذي قـد
نجدهم يتمتعـون بأحاسيس فنـية مرهـفة ومتـمتيزة ، والسبب هو
أن الخالق جل جلاله قـد وزع الأدوارعلى جميع مخـلوقاته في
هذا الكون لضمان إستمرارالحياة الذي يرتكزأساسا على ضرورة
وجود كل المتباينات والمتناقضات المختلـفة كالخيروالشر والظلم
والعدل والغـنى والفـقـر والمعرفة والجهل....الخ ، وذلك لتفعيل
سيرة حياة الإنسان الذي خلقه الله سبحانه وتعالى في أحسن صورة
وفضله على جميع مخلوقات التي سخرها له أيضا لخدمته فأودع
في أغـلبها السكينـة لإطـاعة بني آدم الذي أعطاه أمانة(العـقـل)
لتـتـسنى له السيطــرة عليها وعملية التعامل معهـا بإستخدام هـذا
العقل الذي ميزه به الله عنها ، فيسهل بالتالي عليه تسـيير شؤون
حياته المختلفة بطريقـة بسيطة قد جعلت من المواد الثقافـية أساسا
لتطورها(وقـد تـم ذلك بالتـدريـج ولـم يحدث فجأة . فالثـقافة لها
بداية..ولقـد كانت الثقافة تنمو وتتطوربإستمرار. ومنذ البداية الأولى
إستخدم الإنسان الثـقافة لحل مشكلاته وتسيير أمورحياته وهذا أيضا
يؤكد طبيعتها الخاصة. فهـي طريقـة جديدة ـ وعقلية الى حد كبيرـ
(1)
للـوقـوف في وجـه البيـئة .. ) .
إن وضع الله عـز وجل لهـذه القـوانين الكونية والنـواميس المتباينة
للحياة من حق وباطل وضعف وقوة ، وحقيـقة ووهم(خيال)، وشـدة
وكرب وعسر ويسر، ومحبة وبغض ولين وعنف ، وضيق وفرج ،
وغير ذلك كثير مثل الداء والدواء، والتسامح والإنتقام ، والسرور
والغضب والثعب والراحة والحلو والمروالعذب والمالح ، والشقاء
والسعادة والإحساس بالألم وعدمه ، والحياة والموت والبعث...
إن هذه كلها من المتناقضات التي لـولاها ما كان للحياة أن تسـتمر
ولهذه الدنيا أن تبقـى حية حتى يرث الله الأرض ومن عليها. ذلك
لأن إستمرارالحياة هوعبارة عن كل النتايج الطبيعية لهذا الصراع
الدائم بين هذه النواميس المتضادة ، ومن ضمن هذه النتايج بالطبع
التفاعل الذي يتـم بيـن أبناء المجتمع حـيث تنـشأ وتتكون العلاقات
الإجتماعية المختلتفة بينهم والتي يتجلى أساسها في الألفـة والتسامح
والمـودة والرحمة ، والإخاء والمحبة والتوادد ....
وهذه العواطف الإنسانية النبيلة هي التي عادة ما تعمل وحدها على
نشأة وتوطيد وترسيخ علاقات الإخاء والترابط الأسري والتعاون ،
والتعارف والصحبة المبنية على الندّية والتعامل بمصداقية وصراحة
تامة مما يكون له أثره المباشرفي تأسيس علاقات المحبة التي تدعو
وتحث دائما عـلى ضرورة التشبت بالحياة التي لا تكون الا بالعـمل
المجدي النافع للوصول الى غايات المجتمع وأهـدافه العـديـدة التي
ينشد تحقيقها على مرورالأيام ، وهوما يتطلب تضامن وتعاون جميع
أبنائه، وذلك بإيجاد علاقات إجتماعية جيدة بينهم أوعلى الأقل وجود
ترابـط إجتماعي قـوي بـين الأفراد الذين يعيشـون في بيئـة واحدة ،
وكذلك فيما بينهم وبين أبناء البيئات المحيطة من حولهم بشكل عام ،
بحيث لا يلتفــت لما قـد يشـوب هذه العلآقات من توترأو ينتابها من
خلافات أرى إنها مهما كانت فإنها لا تعني شـيئا أمام بناء مستقـبـل
الأمم وتطورالشعوب .
ومن المعروف أن من نتائج التجمعات البشرية ضرورة وجود علاقات
إجتماعية بـين الأ فـراد تكون مختـلفة الأهـداف ، وإن الأهم من ذلك
هو الإنتاج الفـكري الذي يطلق عـليه بعض الباحثين والدارسين بشكل
عام الثـقافة الشعبية بإعـتبارأنها هي(المأثورات الشعبية) التي توارثتها
الأجيال عن بعضهـا ، وصارت تعمـل على تطـويرها بما يتلاءم
ويتمشى مـع ظـروف حياتهـا الحاضـرة .
المراجع//
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) ــ وليام هاولزــ ما وراء التاريخ ــ ترجمة وتقـديم : الدكتور
أحمد أبوزيد ــ دارالنهضة العربية بيروت1984م
منيرتاج الدين منير
ـــــــــــــــــــــــــ
السيلاوي..الغريفة