رحيل حسن عريبي مجدد الموشحات الأندلسية
تقرير: عمر الكدي (اذاعة هولندا العالمية - 22-04-2009)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]كان دائم الظهور بالزي الشعبي الليبي،
بينما يتدلى البصكل من طاقيته
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] جنازة عريبي بعدسة الفنان
أحمد العريبي نقلا عن موقع جيل ليبيا
رحل عن دنيانا يوم 18 أبريل الجاري، الموسيقار الليبي حسن عريبي عن سبعة وسبعين عاما، ويعتبر عريبي مطور الموشحات الأندلسية، أو المألوف كما يسمى في ليبيا. بدأ عريبي مسيرته كمنشد في الزوايا الصوفية، وكان قد ولد في مدينة طرابلس عام 1932، وعمل في مطلع حياته مراقبا للاسلكي في وزارة المواصلات، وخلال عمله في مدينة بنغازي عام 1959 التحق بالإذاعة الليبية وأنضم لقسم الموسيقى فيها كمستشار فني، وخلال هذه المدة اكتشف أصواتا واعدة قدم لهم أول الألحان التي غنوها، ومن بينهم الفنان محمد صدقي في أغنية "كيف نوصفك للناس"، وبعد عودته إلى طرابلس عام 1964 أسس فرقة المألوف والموشحات في الإذاعة الليبية، وهي الفرقة التي أصبح أعضاء مجموعتها الصوتية من بين أبرز المطربين الليبيين، مثل خالد سعيد، عبد اللطيف حويل، راسم فخري، وعلي القبرون، كما استمر عريبي في تلحين الأغاني الحديثة لعدد من المطربين، من بينهم هدى سلطان، سعاد محمد، والمطربات التونسيات، سلاف، نعمة، زهيرة سالم، وعليا.
مجمع الموسيقى العربية
في هذه الفترة نالت فرقة المألوف والموشحات الترتيب الأول في معظم المهرجانات التي شاركت فيها، وبالرغم من انتشار الموشحات الأندلسية في دول المغرب العربي، إلا أن طريقة توزيع الموسيقى في الموشحات التي لحنها عريبي تعتبر جديدة، ويبدو أن سبب ذلك يعود إلى تأثر الموسيقى في ليبيا بالموسيقى الشرقية القادمة من مصر والشام، كما أن الاهتمام بالأزياء التقليدية الليبية، وخاصة لمنطقة طرابلس أضاف مسحة جمالية لذلك الإنشاد المميز، كل ذلك مهد لاختيار حسن عريبي رئيسا لمجمع الموسيقى العربية، الذي ضم كبار الموسيقيين العرب، ومن بين اسهامات حسن عريبي تأسيسه لنقابة الفنانين الليبيين عام 1974، وترأسه لهذه النقابة، كما ترأس لبعض الوقت مؤتمر الموسيقى العربية الذي يعقد دوريا، والذي يجمع كبار الموسيقيين العرب، بالإضافة إلى ترؤسه المؤتمر الثالث لموسيقى الشعوب، الذي عقد في سمرقند عام 1967. يذكر أن الأندلسيين اختاروا مدينة طرابلس، وأيضا مدينة درنة عندما وصلوا إلى الديار الليبية، ولم يبق من موشحاتهم إلا الكلمات التي ظللت الأجيال تنقلها من جيل إلى آخر، وكانت تردد هذه الموشحات في الزوايا الصوفية وخاصة الزوايا العيساوية، التي يستخدم روادها الدفوف والأصناج النحاسية، والطبول، بالإضافة إلى آلة الغيطة، وهي نفس الآلة التي يستخدمها أهالي طرابلس عندما يزفون عرسانهم بالموشحات الأندلسية، ولهذا يندر أن لا يوجد من سكان طرابلس القديمة من لا يحفظ عن ظهر قلب بعض هذه الموشحات، وخاصة "نعس الحبيب" و"دمعي جرى".
أسماء عديدة لنفس الفن
تتنوع أسماء الموشحات الأندلسية في البلدان المغاربية، فتسمى المألوف في ليبيا وتونس بالإضافة إلى مدينة قسنطينة الجزائرية، إلا أنه يسمى الصنع في الجزائر العاصمة، بينما يسمى الغرناطي في تلمسان، والآلة في المغرب. وتختلف كل منطقة في طريقة غناءها لهذه الموشحات، التي أحيانا لها نفس الكلمات، ونظرا لهذه الروابط المشتركة، سأهم حسن عريبي في تأسيس مهرجان تستور التونسي عام 1965، وهو المهرجان المتخصص في الموسيقى والموشحات الأندلسية. تتكون فرقة المألوف والموشحات الأندلسية بقيادة حسن عريبي من أكثر من ثلاثين عازفا، بالإضافة إلى المجموعة الصوتية، وتستخدم تقريبا كل الآلات الموسيقية الشرقية، مثل العود، القانون، الكمان، بالإضافة إلى الآلات الإيقاعية، وكانت الفرقة قد قدمت وصلاتها في أكبر مسارح العالم، وحازت على أرفع الجوائز.
المنفرجة
يأخذ البعض على الراحل حسن عريبي، دفاعه الشديد عن حرق الآلات الموسيقية الغربية في الساحة الخضراء خلال عقد الثمانينات، حيث قامت عناصر من اللجان الثورية بهذا العمل، لمحاربة الغزو الفكري على حد قولهم، وتطبقا لمقولة وردت في الكتاب الأخضر تقول "إن الشعوب لا تنسجم إلا مع فنونها وتراثها". كما يأخذ عليه البعض استغلال الموسيقى لخدمة السلطة، حيث قدم حسن عريبي آخر موشحاته للعقيد القذافي في مطلع التسعينات، ومع بداية أزمة لوكربي، وهي قصيدة المنفرجة، للشاعر يوسف محمد بن ميمون التلمساني، المعروف بابن النحوي، وقال حسن عريبي "ما قراها قارئ وهو في ضائقة الا وفرج الله عنه". مؤكدا للقذافي أنها جربت. يقول مطلع القصيدة "اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن فجرك بالبلج". ماذا سيبقى من حسن عريبي؟ بالتأكيد ستبقى مساهمته الكبيرة في أغناء الموسيقى العربية بهذا النوع من الموشحات، وهي مساهمة لاشك كبيرة.